فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهذا أسلوب متّبع في القرآن، فتارة لا يذكر جواب منهم كما هنا، وكما في قوله تعالى: {قل من ربّ السماوات والأرض قل الله} [الرعد: 16]، وقوله: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} إلى قوله: {قل الله} [الأنعام: 91]، وتارة يذكر ما سيجيبون به بعد ذكر السؤال منسوبًا إليهم أنّهم يجيبون به ثم ينتقل إلى ما يترتّب عليه من توبيخ ونحوه، كقوله تعالى: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكّرون} إلى قوله: {قل فأنّى تسحرون} [المؤمنون: 84 89].
وابتدئ بإبطال أعظم ضلالهم.
وهو ضلال الإشراك.
وأدمج معه ضلال إنكارهم البعث المبتدأ به السورة بعد أن انتقل من ذلك إلى الإنذار الناشيء عن تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك لمّا كان دليل الوحدانية السالف دالًا على خلق السماوات والأرض وأحوالها بالصراحة، وعلى عبودية الموجودات التي تشملها بالالتزام، ذكر في هذه الآية تلك العبودية بالصراحة فقال: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله}.
وقوله: {لله} خبر مبتدأ محذوف دلّ عليه {ما في السماوات} إلخ.
ويقدّر المبتدأ مؤخّرًا عن الخبر على وزان السؤال لأنّ المقصود إفادة الحصر.
واللام في قوله: {لله} للملك؛ دلّت على عبودية الناس لله دون غيره، وتستلزم أنّ العبد صائر إلى مالكه لا محالة، وفي ذلك تقرير لدليل البعث السابق المبني على إثبات العبودية بحقّ الخلق.
ولا سبب للعبوديّة أحقّ وأعظم من الخالقية، ويستتبع هذا الاستدلالُ الإنذار بغضبه على من أشرك معه.
وهذا استدلال على المشركين بأنّ غير الله ليس أهلًا للإلهيّة، لأنّ غير الله لا يملك ما في السماوات وما في الأرض إذ ملك ذلك لخالق ذلك.
وهو تمهيد لقوله بعده {ليجمعنّكم إلى يوم القيامة}، لأنّ مالك الأشياء لا يهمل محاسبتها.
وجملة: {كتب على نفسه الرحمة} معترضة، وهي من المقول الذي أمر الرسول بأن يقوله.
وفي هذا الاعتراض معان:
أحدها: أنّ ما بعده لمّا كان مشعرًا بإنذار بوعيد قُدّم له التذكير بأنّه رحيم بعبيده عساهم يتوبون ويقلعون عن عنادهم، على نحو قوله تعالى: {كتب ربّكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءًا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم} [الأنعام: 54]، والشرك بالله أعظم سوءٍ وأشدّ تلبّسًا بجهالة.
والثاني: أنّ الإخبار بأنّ لله ما في السماوات وما في الأرض يثير سؤال سائل عن عدم تعجيل أخذهم على شركهم بمن هم مِلكه.
فالكافر يقول: لو كان ما تقولون صدقًا لعجّل لنا العذاب، والمؤمن يستبطئ تأخير عقابهم، فكان قوله: {كتب على نفسه الرحمة} جوابًا لكلا الفريقين بأنّه تفضّل بالرحمة، فمنها رحمة كاملة: وهذه رحمته بعباده الصالحين، ومنها رحمة موقّتة وهي رحمة الإمهال والإملاء للعصاة والضّالّين.
والثالث: أنّ ما في قوله: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله} من التمهيد لما في جملة {ليجمعنّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} من الوعيد والوعد.
ذُكرت رحمة الله تعريضًا ببشارة المؤمنين وبتهديد المشركين.
الرابع: أنّ فيه إيماء إلى أنّ الله قد نجّى أمّة الدعوة المحمدية من عذاب الاستئصال الذي عذّب به الأمم المكذّبةَ رسلها من قبل، وذلك ببركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ جعله رحمة للعالمين في سائر أحواله بحكم قوله تعالى: {وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين} [الأنبياء: 107]، وإذ أراد تكثير تابعيه فلذلك لم يقض على مكذّبيه قضاء عاجلًا بل أمهلهم وأملى لهم ليخرج منهم من يؤمن به، كما رجا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك لمّا قالوا: {اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} [الأنفال: 32] قال الله تعالى: {وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم} [الأنفال: 33].
وقد حصل ما رجاه رسول الله فلم يلبث من بقي من المشركين أن آمنوا بالله ورسوله بعد فتح مكة ودخلوا في دين الله أفواجًا، وأيّد الله بهم بعد ذلك دينه ورسوله ونشروا كلمة الإسلام في آفاق الأرض.
وإذ قد قدّر الله تعالى أن يكون هذا الدين خاتمة الأديان كان من الحكمة إمهال المعاندين له والجاحدين، لأنّ الله لو استأصلهم في أول ظهور الدين لأتى على من حوتْه مكة من مشرك ومسلم، ثم يحشرون على نيّاتهم، كما ورد في الحديث لمّا قالت أمّ سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهلك وفينا الصالحون، قال: نعم، إذا كثر الخبث ثم يحشرون على نيّاتهم» فلو كان ذلك في وقت ظهور الإسلام لارتفع بذلك هذا الدين فلم يحصل المقصود من جعله خاتمة الأديان.
وقد استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا نزل عليه {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم} فقال: {أعوذ بسبحات وجهك الكريم}.
ومعنى {كتب} تعلّقت إرادته، بأن جعل رحمته الموصوف بها بالذات متعلّقة تعلّقًا عامًّا مطّردًا بالنسبة إلى المخلوقات وإن كان خاصًّا بالنسبة إلى الأزمان والجهات.
فلما كان ذلك مطّردًا شبّهت إرادته بالإلزام، فاستعير لها فعل (كتب) الذي هو حقيقة في الإيجاب، والقرينة هي مقام الإلهية، أو جعَل ذلك على نفسه لأنّ أحدًا لا يُلزم نفسه بشيء إلاّ اختيارًا وإلاّ فإنّ غيره يُلزمه.
والمقصود أنّ ذلك لا يتخلّف كالأمر الواجب المكتوب، فإنّهم كانوا إذا أرادوا تأكيد وعد أو عهد كتبوه، كما قال الحارث بن حلّزة:
واذكروا حلف ذي المجاز وما قدّ ** م فيه العهود والكفلاء

حذر الجور والتطاخي وهل ينـ ** ـقض ما في المهارق الأهواء

فالرحمة هنا مصدر، أي كتب على نفسه أن يرحم، وليس المراد الصفة، أي كتب على نفسه الاتّصاف بالرحمة، أي بكونه رحيمًا، لأنّ الرحمة صفة ذاتية لله تعالى واجبة له، والواجب العقلي لا تتعلّق به الإرادة، إلاّ إذا جعلنا {كتب} مستعملًا في تمجّز آخر، وهو تشبيه الوجوب الذاتي بالأمر المحتّم المفروض، والقرينة هي هي إلاّ أنّ المعنى الأول أظهر في الامتنان، وفي المقصود من شمول الرحمة للعبيد المعرضين عن حقّ شكره والمشركين له في ملكه غيره.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمّا قضى الله تعالى الخلق كتب كتابًا فوضعه عنده فوق العرش: إنّ رحمتي سَبَقَتْ غضبي». اهـ.

.قال الشوكاني:

قوله: {قُل لّمَن مَّا في السموات والأرض}.
هذا احتجاج عليهم وتبكيت لهم، والمعنى: قل لهم هذا القول فإن قالوا فقل لله، وإذا ثبت أن له ما في السموات والأرض إما باعترافهم، أو بقيام الحجة عليهم، فالله قادر على أن يعاجلهم بالعقاب، ولكنه كتب على نفسه الرحمة، أي وعد بها فضلًا منه وتكرّمًا، وذكر النفس هنا عبارة عن تأكد وعده، وارتفاع الوسائط دونه، وفي الكلام ترغيب للمتولين عنه إلى الإقبال إليه وتسكين خواطرهم بأنه رحيم بعباده لا يعاجلهم بالعقوبة، وأنه يقبل منهم الإنابة والتوبة، ومن رحمته لهم إرسال الرسل، وإنزال الكتب، ونصب الأدلة. اهـ.

.قال المهايمي:

كمال الرحمة في الجزاء؛ إذ بدونه تضيع مشاق المعارف الإلهية، والأعمال الصالحة، وتضيع المظالم، ولا جزاء في دار الدنيا؛ لأنه فرع التكليف، ودار التكليف لا تكون دار الجزاء، لأن مشاهدته مانعة من التكليف. اهـ.

.قال الفخر:

اختلفوا في أن هذا الكلام مبتدأ أو متعلق بما قبله.
فقال بعضهم أنه كلام مبتدأ، وذلك لأنه تعالى بيّن كمال إلهيته بقوله: {قُل لّمَن مَّا في السموات والارض قُل لِلَّهِ} ثم بيّن تعالى أنه يرحمهم في الدنيا بالإمهال ودفع عذاب الاستئصال، وبيّن أنه يجمعهم إلى يوم القيامة، فقوله: {كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة} أنه يمهلهم وقوله: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة} أنه لا يمهلهم بل يحشرهم ويحاسبهم على كل ما فعلوا.
والقول الثاني: أنع متعلق بما قبله والتقدير: كتب ربكم على نفسه الرحمة.
وكتب ربكم على نفسه ليجمعنكم إلى يوم القيامة.
وقيل: أنه لما قال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة} فكأنه قيل: وما تلك الرحمة؟ فقيل: إنه تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة} وذلك لأنه لولا خوف العذاب يوم الققيامة لحصل الهرج والمرج ولارتفع الضبط وكثر الخبط، فصار التهديد بيوم القيامة من أعظم أسباب الرحمة في الدنيا، فكان قوله: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة} كالتفسير لقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} اللام لام القسم، والنون نون التأكيد.
وقال الفرّاء وغيره: يجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله: {الرحمة} ويكون ما بعده مستأنفًا على جهة التبيين؛ فيكون معنى {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} ليُمهلنكم وليؤخرنّ جمعكم.
وقيل: المعنى ليجمعنكم أي في القبور إلى اليوم الذي أنكرتموه.
وقيل: إلى بمعنى في، أي ليجمعنكم في يوم القيامة.
وقيل: يجوز أن يكون موضع {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} نصبًا على البدل من الرحمة؛ فتكون اللام بمعنى أن المعنى: كتب ربكم على نفسه ليجمعنكم، أي أن يجمعكم؛ وكذلك قال كثير من النحويين في قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] أي أن يسجنوه.
وقيل: موضعه نصب ب كَتَبَ؛ كما تكون أن في قوله عزّ وجل: {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سواءا بِجَهَالَةٍ} وذلك أنه مفسر للرحمة بالإمهال إلى يوم القيامة؛ عن الزجاج.
{لاَ رَيْبَ فِيهِ} لا شك فيه. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ليجمعنكم إلى يوم القيامة} اللام: لام القسم، كأنه قال: والله ليجمعنكم إلى اليوم الذي أنكرتموه.
وذهب قوم إلى أن إلى بمعنى: في ثم اختلفوا، فقال قوم: في يوم القيامة، وقال آخرون: في قبوركم إلى يوم القيامة.

.قال أبو حيان:

{ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} لما ذكر أنه تعالى رحم عباده ذكر الحشر وأن فيه المجازاة على الخير والشر، وهذه الجملة مقسم عليها ولا تعلق لها بما قبلها من جهة الإعراب وإن كانت من حيث المعنى متعلقة بما قبلها كما ذكرناه.
وحكى المهدوي أن جماعة من النحويين قالوا: إنها تفسير للرحمة تقديره: أن يجمعكم، فتكون الجملة في موضع نصب على البدل من {الرحمة} وهو مثل قوله: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} المعنى أن يسجنوه، وردّ ذلك ابن عطية بأن النون الثقيلة تكون قد دخلت في الإيجاب قال: وإنما تدخل في الأمر والنهي وباختصاص من الواجب في القسم، انتهى.
وهذا الذي ذكره لا يحصر مواضع دخول نون التوكيد، ألا ترى دخولها في الشرط وليس واحدًا مما ذكر نحو قوله تعالى: {وإما ينزغنك} وكذلك قوله: وباختصاص من الواجب في القسم بهذا ليس على إطلاقه بل له شروط ذكرت في علم النحو ولهم أن يقولوا صورة الجملة صورة المقسم عليه، فلذلك لحقت النون وإن كان المعنى على خلاف القسم ويبطل ما ذكروه، إن الجملة المقسم عليها لا موضع لها وحدها من الإعراب، فإذا قلت والله لأضربنّ زيدًا، فلأضربنّ لا موضع له من الإعراب فإذا قلت زيد والله لأضربنه، كانت جملة القسم والمقسم عليه في موضع رفع والجمع هنا قيل حقيقة أي {ليجمعنكم} في القبور إلى يوم القيامة، والظاهر أن {إلى} للغاية والمعنى ليحشرنكم منتهين {إلى يوم القيامة} وقيل: المعنى {ليجمعنكم} في الدنيا يخلقكم قرنًا بعد قرن إلى يوم القيامة وقد تكون {إلى} هنا بمعنى اللام أي ليوم القيامة، كقوله تعالى: {إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} وأبعد من زعم أن {إلى} بمعنى في أي في يوم القيامة وأبعد منه من ذهب إلى أنها صلة والتقدير {ليجمعنكم} يوم القيامة، والظاهر أن الضمير في {فيه} عائد إلى يوم القيامة وفيه ردّ على من ارتاب في الحشر ويحتمل أن يعود على الجمع، وهو المصدر المفهوم من قولهم: {ليجمعنكم}. اهـ.

.قال الألوسي:

وقوله سبحانه: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة} جواب قسم محذوف وقع على ما قال أبو البقاء كتب موقعه.
والجملة استئناف نحوي مسوق للوعيد على إشراكهم وإغفالهم النظر، وقيل: بياني كأنه قيل: وما تلك الرحمة فقيل: إنه تعالى ليجمعنكم إلخ وذلك لأنه لولا خوف القيامة والعذاب لحصل الهرج والمرج وارتفع الضبط وكثر الخبط.
وأورد عليه أنه إنما يظهر ما ذكر لو كانوا معترفين بالبعث وليس فليس.
وقال بعض المحققين أيضًا: إنه تكلف ولا يتوجه فيه الجواب إلا باعتبار ما يلزم التخويف من الامتناع عن المناهي المستلزم للرحمة، وقيل: صلاحية ما في الآية للجواب باعتبار أن المراد ليجمعنكم إلى يوم القيامة ولا يعاجلكم بالعقوبة الآن على تكذيبكم على ما أشار إليه الكلبي، وقيل: إن القسم وجوابه في محل نصب على أنه بدل من {الرحمة} بدل البعض، وقد ذكر النحاة أن الجملة تبدل من المفرد.
نعم لم يتعرضوا لأنواع البدل في ذلك والجار والمجرور قيل متعلق بمحذوف أي ليجمعنكم في القبور مبعوثين إلى يوم إلخ على أن البعث بمعنى الإرسال وهو مما يتعدى بإلى ولا يحتاج إلى ارتكاب التضمين، واعترض بأن البعث يكون إلى المكان لا إلى الزمان إلا أن يراد بيوم القيامة واقعتها في موقعها؛ وقيل: هو متعلق بالفعل المذكور، والمراد جمع فيه معنى السوق والاضطرار كأنه قيل ليبعثنكم ويسوقنكم ويضطرنكم إلى يوم القيامة أي إلى حسابه، وقيل: إنه متعلق بالفعل وإلى بمعنى في كما في قوله:
لا تتركني بالوعيد كأنني ** إلى الناس مطلي به القار أجرب

ومنع بعضهم مجيء إلى بمعنى في في كلامهم ولو صح ذلك لجاز زيد إلى الكوفة بمعنى في الكوفة وتأول البيت بتضمين مضافًا أو مبغضًا أو مكرهًا، وأجيب بأن ذلك إنما يرد إذا قيل: إن استعمال إلى بمعنى في قياس مطرد ولعل القائل بالاستعمال لا يقول بما ذكر، وارتكاب التضمين خلاف الأصل، وارتكاب القول بأن إلى بمعنى في وإن لم يكن مطردًا أهون منه، وقيل: إنها بمعنى اللام، وقيل: زائدة والخطاب للكافرين كما هو الظاهر من السايق، وقيل: عام لهم وللمؤمنين بعد أن كان خاصًا بالكافرين أي ليجمعنكم أيها الناس إلى يوم القيامة {لاَ رَيْبَ فِيهِ} أي لا ينبغي لأحد أن يرتاب فيه لوضوح أدلته وسطوع براهينه التي تقدم بعض منها.
والجملة حال من اليوم والضمير المجرور له، ويحتمل أن تكون صفة لمصدر محذوف والضمير له أي جمعًا لا ريب فيه، وجوز أن تكون تأكيدًا لما قبلها كما قالوا في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]. اهـ.